رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
Loading...

تنبيه مهم جدا

نعتذر لزوار مكتبة خالدية عن توقف التحميل لمعظم رصيدنا من الكتب الموجودة على خدمة غوغل درايف، وذلك لأنه تم تعطيل حسابنا في هذه الخدمة.. نسعى جاهدين لإيجاد حل بإعادة تحميل رصيد المكتبة في موقع آخر.. نجدد اعتذارنا لزوار المكتبة، ورجاؤنا أن يتفهّموا بأن مكتبة خالدية هي بالأساس مدونة على منصة بلوجر المجانية وليست موقعا يملك مساحة تخزين و.. ويمتلك استقلاليته.

تاريخ اللغات الإشارية .. لغة الصم



إذا كان أسلافنا قد اعتمدوا على الإشارات في الإتصال، فربما تمكنا من رسم تصور عن كيف كان شكل لغتهم بفحص لغات اليوم الإشارية, وهذه اللغات الإشارية موجودة منذ وقت طويل.
وقد كتب (زينوفان) في العام 431ق.م، مشيرا إلى مصادفته للغة إشارية، وعلى مر التاريخ استخدمت لغات إشارية في مجتمعات الصم والأديرة.

ولاحظ جيرولامو دي كاردانوا في العام 1576 أن الصم يستطيعون أن يعبروا عن أفكار مجردة بالإشارات.
وأعلن جيوفاني بونيفاشيو في العام 1616 أن الإشارة لغة عالمية, ولكن الفيلسوف كونديلاك كان أول من طرح في منتصف القرن الثامن عشر الفرض القائل بأن اللغة نفسها نشأت من الإشارات. وحينذاك جوبه هذا الفرض بالمعارضة كما يجابه بها الآن. وقبل العام 1750 م لم يكن لدى 99،9 في المائة ممن وُلدوا صما أمل في أن يتعلموا أن يعرفوا القراءة والكتابة. ولم تتحسن الأوضاع حتى أواخر القرن الثامن عشر عندما اعتُرِف في فرنسا باللغات الإشارية كلغات شرعية. ويرجع الفضل في ذلك الى حد بعيد إلى الكاهن دي لابيه، الذي قرر أن ينقذ أرواح الصم- البكم المحرومين حتى ذلك اليوم من كلمة الرب، وذلك بتعليمهم الكتاب المقدس وكتاب تعليم الدين بالأسئلة والإجابات.

وكان مفتونا بالطريقة الحية التي يتبادل بها الصم الذين يهيمون على وجوههم في شوارع باريس الإشارات. وكتب يقول مقتفيا خطى كونديلاك "إن اللغة العالمية التي طالما بحثتم عنها بلا طائل، والتي يئستم من العصور عليها موجودة هنا. إنها قائمة أمام عيونكم مباشرة في محاكاة الصم الفقراء. ولأنكم لا تعرفونها فإنكم تنظرون إليها في احتقار، إلا أنها وحدها سوف تزودكم بمفتاح لكل اللغة" اسمع! اسمع! أنشأ الكاهن مدرسة للصم في العام 1755، وطور نوعا من الربط بين الإشارات الطبيعية للتلاميذ الصم ونوع من النحو الإشاري لتعليمهم القراءة، وبالتالي لتهيئتهم لتلقي التعليم. وكانت هذه المؤسسة أول مدرسة للصم تتلقى دعما عاما، وفي العام 1791 أصبحت المؤسسة الوطنية للصم- البكم في باريس.

استغرق الأمر بضع سنوات حتى ينتشر هذا الإتجاه المستنير في الأماكن الاخرى. وفي العام 1816 زار لورنت كليرك الذي كان تلميذا في المؤسسة الولايات المتحدة، وسرعان ما أثار الإعجاب بذكائه وسعة اطلاعه الملحوظة.

وفي العام 1817 أنشأ مع توماس غالوديت المركز الأمريكي لرعاية الصم في هارتفورد. وقد أسس هذا المركز تقليدا قويا لتعليم اللغة الإشارية، وأدى إلى تطوير لغة الإشارة الأمريكية (ASL) التي تربط بين الإشارات التي أدخلها كليرك من فرنسا والإشارات المستخدمة فعلا بين الصم والمحليين في الولايات المتحدة.

وفي العام 1864 أقر الكونغرس الأمريكي تشريعا يرخض لمؤسسة كولومبيا للصم والأكِفاء في واشنطن في أن تصبح مؤسسة للتعليم العالي للصم- البكم. وقد أصبحت تسمى في ما بعد كلية غالوديت على اسم مديرها الأول، إدوارد غالوديت. والآن، وقد أصبحت تسمى جامعة غالوديت، ما زالت جامعة الفنون العقلية الوحيدة في العالم المقصورة على الصم.

ولكن بعض الناس ساورتهم الشكوك حينذاك- كما هي الحال الآن- في حكمة استخدام الإشارات في تعليم الصم، وحاولوا الإطاحة بمراكز رعاية اللغة الإشارية (كما كانت تسمى حينذاك)، وأن يستبدلوا بها المدارس "الشفاهية".

وقد اكتسبت هذه الحركة في اتجاه الشفاهية قوة في القرن التاسع عشر، بتشجيع من شخصيات ذات نفوذ، مثل ألكسندر غراهام بل، الذي دافع عن استخدام أجهزة لتكبير الصوت. ووصل الأمر إلى ذروته في مؤتمر لمعلمي الصم عقد في ميلانو في العام 1880، حينما صوت المؤتمر لمصلحة الشفاهية، وأعلن رسميا حظر اللغة الإشارية. واستمر هذا الإتجاه حتى سبعينيات القرن الماضي، مخلفا عواقب شعر الكثيرون بفداحتها، وقد أوضحت الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة في العام 1972، ثم بعد ذلك بسنوات قليلة في بريطانيا أن البالغين الصم لدى تركهم المدرسة الثانوية كانوا في المتوسط قادرين على القراءة بمستوى الأطفال البالغين من العمر تسع سنوات فقط.

وبدأ التيار في التحول مرة أخرى في ستينيات القرن الماضي، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد بعيد إلى جهود الراحل وليم سي ستوكوي اللغوي المدرس في جامعة جالوديت.

رأى ستوكوي أنه وإن كانت اللغة الإشارية غير معترف بها بصورة صحيحة آنذاك حتى في غالوديت، فإن الطلبة دأبوا على استخدامها فعليا طوال الوقت في تفاعلاتهم غير الرسمية، ولاحظ أنها تملك كل القدرة التعبيرية كلغة حقيقية. وبفضل نفوذ ستوكوي بالدرجة الأولى أعيد الآن الإعتبار إلى اللغات الإشارية كاملا بوصفها لغات طبيعية، وأصبحت لغة الإشارية الأمريكية (ASL) اللغة الرسمية في غالوديت. ويتعلم الطلبة كل المواد المعتادة- الرياضيات، والكيمياء، والفلسفة، وحتى الشعر- دون نطق كلمة واحدة.

لقد تحولت معظم مدارس الصم في الولايات المتحدة الآن من نظم الإتصال الشفاهية إلى النظم المرئية. ومع ذلك فإن المدرسين في بعض المدارس يستخدمون نظاما إشاريا مصطنعا يتبع قواعد النحو للإنجليية المنطوقة. وبعض المعلمين يفضلون تعليم لغة الإشارة الأمريكية كلغة أولى والإنجليزية المكتوبة كلغة ثانية. كذلك أعيق تعليم لغة الإشارة الأمريكية نوعا ما بسياسة "الإتجاه السائد" التي أدخلت في الولايات المتحدة في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وفيها ينضم الأطفال الصم إلى المتمتعين بحاسة السمع في المدارس العادية. وبذلك افتقروا إلى القدوة المناسبة. وفي هذا المناخ أصبح كثير من الأطفال الصم ينظرون إلى لغة الإشارة الأمريكية نظرة أدنى بعض الشيء.

ولا تتعلق المناقشات حول المزايا النسبية الشفاهية والإشارية بمجرد التكافؤ اللغوي. فاللغات الإشارية محصورة حتما في أقلية ضئيلة جدا من أفراد المجتمع، ولذلك فإن الذين لا يستطيعون الإتصال إلا بالإشارة محرومون من الإتصال بسهولة بالغالبية العظمى من الناس. وأي شخص يزور بلدا أجنبيا يتكلم أهله لغة مختلفة لا يعرفها، سوف يعرف مرارة هذا الشعور.

وعلاوة على ذلك فإن كل محاولات تطوير نصوص مكتوبة من اللغة الإشارية لم تلق قبولا عاما، في حين أن تعلم قراءة النصوص مكتوبة من اللغة الإشارية لم تلق قبولا عاما، في حين أن تعلم قراءة النصوص المكتوبة على أساس اللغة المنطوقة صعب بصفة خاصة على أولئك الذين لغتهم الوحيدة هي الإشارة.
إذن هناك مزايا لمحاولة تعليم الصم الكلام العادي، بناء على أي قدر من السماع يتوافر لديهم. ومع ذلك فإن المرء لا يمكنه إلا الإعجاب بالسهولة والطلاقة التي يتصل بها المشيرون من الصم بعضهم ببعض، بالقياس إلى جهودهم المتعثرة والمؤلمة في الغالب للحديث إلى الآخرين أو فهم كلامهم. ومن حيث التعبيرية المحضة تبدو اللغات الإشارية قابلة للمقارنة مع اللغات المنطوقة. وعلى سبيل المثال سُجلت في لغة الإشارة الأمريكية 4000 إشارة أو علامة، وقد يكون هذا تقريرا أقل من إجمالي العدد الحقيقي بصورة ملحوظة.

واللغات الإشارية ليست مقصورة على الصم ومن بين أكثر اللغات الإشارية تعقيدا تلك التي ابتدعها سكان أستراليا الأصليون. ويظهر أن هؤلاء نشأوا في صحراء شمال وسط أستراليا ثم انتشروا من هناك.

ولكنهم ذوو أصول قريبة نسبيا، ولذلك ينبغي ألا يعدو دليلا مباشرا على أن اللغة الصوتية مشتقة من لغة إشارية. وفي الحقيقة إنها الصورة المعاكسة في هذه الحالة، حيث إن اللغة الإشارية قائمة فعليا على أساس لغة منطوقة.

فالإشارت تستخدم للتغلب على محرّمات الكلام، التي تراعيها النساء في صحراء شمال الوسط في أعقاب وفاة قريب حميم، والتي تُفرض أيضا على المترهبنين في بداية الرهبنة.
تأليف/ مايكل كورباليس
ترجمة: محمود ماجد عمر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تحميل...
:: رب اغفر لي ولوالديَّ رب ارحمهما كما ربّياني صغيرا.. زائرنا الكريم، نتمنى أنك وجدت ما يُفيدك، وحتى تستمرّ المكتبة، نسعد بآرائك ومقترحاتك.. جميع الحقوق محفوظة لمكتبة خالدية 2009 ::